يقع بعض الملتزمين و خاصة حديثي الالتزام بمشاكل عديدة في بداية التزامهم مثل الاصطدام مع الاهل أو الناس أو الانتكاس و الرجوع إلى سابق ما كانوا عليه
و انتابني رغبة قوية في الحديث عن هذا الموضوع اليوم لأجل أهميته الكبيرة أسأل الله أن يلهمني الصواب.
أما بعد ؛ فهذه نصائح جمعتها من كلمات بعض الدعاة و الكتب و خلاصة تجارب بعض الشباب و بنفسي أبدأ النصح و التذكير بهذه الكلمات قال تعالى " أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب" و ما كان من توفيق فهو بفضل الله و ما كان من خطأ فمني ومن الشيطان.
1- اختلي بنفسك و اقعد واسترخي و اسأل نفسك سؤال و اطلب من نفسك اجابة محددة و صريحة :أنا قررت الالتزام ليــــــه ؟.........
لو الاجابة مثلا : مش عارف ليه ، أو علشان والدي عايزني ابقى ملتزم ، أو تقليعة جديدة ، أو وقت فراغ و عايز أعمل أي حاجة تشغــلني أو علشان أبقى أسمي (الشيخ) ؛ فأنت على خطأ كبير فأساس أي عمل تعمله هو النية ، فهي المصححة للأعمال فإن كانت خالصة لله قبلت و أن كانت لغيره لم تقبل ، فأول شيء أن تصحح نيتك و تجعلها لله عز وجل و ليس هذا فقط بل تجدد نيتك و تصحهها كل فترة لتحقق تمام الاخلاص لله عز وجل.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي أنه قال " إنما الاعمال بالنيات و إنما لكل امريء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " رواه البخاري و مسلم
2- من الأمراض الخطيرة المنتشرة عند بعض الشباب حديث الالتزام ؛ هداهم الله : العجـــب و أن يرى من ذاته مبعث القوة إذا سار و تحرك و مبعث الدراية والفهم إذا علم و تعلم ، كالشعور مثلا بأنه أفضل من فلان هذا الذي يسبل ثيابه أو هذا الذي لا يطلق لحيته و بعضهم إذا تعلم شيئا و حضر بض المحاضرات لبعض الدعاة أو العلماء ظن أنه قد أصبح الشيخ العلامة الفقيه الورع و تراه يتعالى على الناس و يستصغرهم.
و داء العجب داء خطير فعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال " ....... فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع و إعجاب المرء بنفسه" صحيح الجامع3045
و العجب كما يقول شيخ الاسلام بن تيمية من باب الاشراك بالنفس فحطم صنمك و كن عند نفسك صغيرا متواضعا فعن النبي أنه قال " إن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد " رواه مسلم
3- من الأمراض أيضا أو على الادق هي أعراض للمرض كثرة الحكم على الناس بلا داعي و بلا علم أيضا فيقول : هذا فاسق و هذا ضال وهذا مرجيء و هذا مكاس و هذا كافر لا يحكم يطبق شرع الله و هكذا يظل ينصب نفسه حاكما على الناس ونقول له فلتتق الله و اشتغل بنفسك و اصلاح دينك بدلا من الحكم على الناس بهذه الصورة وقد قال النبي : ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ) رواه أبو داود برقم 4880 ، وصححه الألباني
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وكما لا يجوز أن نطلق الكفر على شخص معين حتى يتبين شروط التكفير في حقه ، يجب أن لا نجبن عن تكفير من كفره الله ورسوله ، ولكن يجب أن نفرق بين المعين وغير المعين " شرح كتاب التوحيد
4- يجب على الأخ الملتزم انتقاء الصحبة الصالحة و ترك "الشلة القديمة" فـــــورا فالصاحب ساحب و قد يظن أنه بمصاحبتهم سوف يتمكن من دعوتهم و شدهم إلى طريق الخير و الالتزام فالنفس لا تزال ضعيفة تشتاق إلى المعاصي التي اعتادت عليها فتنغرس قدمه معهم مرة أخرى و ينتكس بدلا من دعوتهم وهدايتهم.
قال تعالى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " و يقول الله تعالى أيضا " و يوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا "
و أيضا عندما يكون وسط اخوانه غير الملتزمين يشعر بينهم أنه الشيخ الورع التقي الصالح فيفتر و تقل همته ويستفحل العجب ، بينما وسط اخوانه الملتزمين يشعر دائما بأنه عمله وهمته هذه قليلة و في حاجة دائمة إلى زيادة طاعته وعبادته لله عز وجل و أيضا وجود الاخوان الصالحين حوله يناصحونه إذا ذل و أخطأ.
5- بعض الشباب الذين التزموا يصدمون اصطداما عنيفا مع الوالدين فيأمرونهم بالمعروف و ينهونهم عن المنكر فان لم يستجيبوا أغلظوا لهم القول و أثاروا المشكلات و الخلافات الشديدة ؛ فلا هكذا يكون الأمر بالمعروف و لا هكذا يكون بر الوالدين و انظر الي أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام و كيف كان أدبه وهو ينصح والده وهو على الكفر و في النهاية قال له " سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ".فترفق بهما و ادعوهما بأدب و خضوع و لا تلح عليهما فيتضايقا و ادع الله لهما بالهداية .
6- بعض الشباب الذين يلتزمون لا يهتمون بحسن الخلق كثيرا و لا يعدلون طبائعهم التي كانوا عليها قبل الالتزام قال النبي "إن أكمل المسلمين إيمانا أحسنهم خلقا وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة " السلسلة الصحيحة 1590
و رب حسن خلقك يكون أبلغ تأثيرا في الدعوة من الكلمات والمواعظ ، خاصة أن هناك نفور من بعض الناس تجاه الملتزمين بسبب تعامل بعضهم الحاد و تجهمهم في وجه بعض الناس و لا نغفل الدور التضليلي للاعلام بكل تأكيد.
7- بعض الشباب يتعصبون لشيخ معين و كلامه مقدس و غير قابل للخطأ و إذا خالفه شيخ آخر خاصمه و عاداه وربما تحدث عنه بما لا يليق و هذا خطأ كبير فكل البشر يؤخذ منهم ويرد عليهم إلا المعصوم المصطفى فنحن نتبع صاحب الحق كائنا من كان حتى و ان خرج الحق على لسان الكافر نأخذ به.
8-محاسبة النفس أولا بأول من الأمور الهامة ، فتعال في نهاية اليوم و حاسب نفسك هل قصرت في صلاة ؟ هل اغتبت أحدا ؟ هل ...؟؟ و ضع يدك بسرعة على مواطن الخلل و اجتهد في اصلاحها وتهذيب نفسك ، افرض على نفسك عقوبات مثلا .. لو كذبت سوف استغفر ألف مرة .. مؤكد لن تكذب أبدا..
9- حقق أيها الملتزم معنى الالتزام الحقيقي و لا يكن التزامك مقصورا على هيئتك الخارجية فقط بل كن عبدا طائعا مخلصا لله عز وجل و لتكن عالى الهمة خاصة في بداية الالتزام فإنها المرحلة الأصعب ، فهي كمن يقود سيارة على منزلق منحدر فهو يحتاج أن يرفع سرعته حتى لا تنزلق السيارة و تنـقلب رأسا على عقب.
10- احرص على تعلم العلوم الشرعية طلب العلم والتفقه في الدين من أفضل القربات والطاعات ، قال " من يرد الله به خيرا يفقه في الدين " لئلا تقع في الشركيات أو البدع و حتى تصح عبادتك و تكون دعوتك إلى الله على بصيرة قال تعالى " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني "
نقله اليكم فقير الى القدير عز وجل